تحوّل التعنيف الذي مارسته إحدى المربيات في حضانة Gardereve في منطقة الجديدة إلى نقاش حول دور الأم والمرأة في تكريس وقتها لتربية الأطفال لحمايتهم وتجنيبهم هذا النوع من العنف. وبدلا من التصويب على غياب الرقابة الفعلية على الحضانات ودور الوزارات المعنية بمنح الرخص ومتابعة الآليات الموجودة في الحضانات لمنع تعنيف الأطفال ومعاملتهم بشكل لائق ومنع الإفلات من العقاب، كانت تلك فرصة لممارسة عنف من نوع آخر دائما يُشهر في وجه النساء العاملات وتحديدًا الأمهات متناسين دور الأب أو الرجل في التربية وفي رعاية الأطفال.
نعم، هو عنف مجتمعي عاطفي يُمارس ضدّ النساء ويطرح من جديد إشكالية الأدوار الاجتماعية المرتبطة بالرعاية المنزلية وبالتربية والإهتمام بالأطفال بشكل منفصل عن الرجل، والتي لُصقت بالمرأة دونما اعتبار لخياراتها وقراراتها وأسلوب حياتها الشخصية والمهنية.
عندما تتحول وتتحور السردية بهذا الشكل وتنحرف عن الحدث الأساس الذي هو تعنيف الأطفال في الحضانات نعي مجدّدًا تجذر الموروثات الثقافية والاجتماعية التي تكرّس التمييز ضدّ المرأة، تمييز تعزّزه وتعمّقه القوانين في لبنان التي تمعن إما في تهميش أو استضعاف المرأة ليبقى دورها معلّبا ومحصورًا ومحدودًا.
لذلك، يجب العمل على إزالة التمييز من النصوص كما من النفوس لأنّ حقوق المرأة ليست منّة من أحد ورعايتها و حبها وعاطفتها لأولادها ليست بالضرورة مرتبطة أو مشروطة بإلغاء كلّ جوانب حياتها الأخرى ولا يجب أن يأتي على حساب خياراتها في الحياة. يستتبع كل ذلك دور الرجل وهذه الشراكة داخل الأسرة التي من المفترض أن تنسحب على كل المهام المتعلقة بتأسيس عائلة وتربية الأولاد، والشراكة لا تأتي على حساب طرف دون الطرف الآخر.
وإذا كان لا بدّ من ضرورة لتكريس وقت أكبر لرعاية الأطفال خصوصا في الأشهر الأولى من عمرهم على الدولة أن تشرع بتعديل القوانين أو طرح قوانين تضمن المساواة بين الرجال والنساء بدءا من منح المرأة إجازة أمومة أطول كما تشريع إجازة الأبوة، فَرِعاية الأطفال غير مرتبطة بالهوية الجندرية!